يعد كارول شيما نوفسكي من أهم المؤلفين الموسيقيين البولونيين في النصف الأول من القرن العشرين.
ويعتبره البعض من أكثر الشخصيات أهمية في تاريخ الموسيقا البولونية بعد العظيم فريدريك شوبان.
ولد شيما نوفسكي في السادس من تشرين الأول 1882 في أسرة من كبار ملاكي أراضي النبلاء، الأمر الذي هيأ له ان ينشأ في وسط اجتماعي عالي المستوى من حيث الثقافة والتعليم اذ كان والده واسع المعرفة في علوم الرياضيات ومولعا بالموسيقا حيث يمكن اعتباره معلم كارول الأول في الموسيقا بالاضافة الى تمتع كل اشقائه بمواهب فنية فشقيقته آنا كانت موهوبة في الفنون التشكيلية وزوفيا ذات موهبة أدبية أما شقيقته ستانيسلافا أصبحت مغنية مشهورة وشقيقه فيليكس كان عازفا ممتازا على آلة البيانو في حين أصبح كارول المؤلف الموسيقي الأبرز في زمانه.
لقد كان لشيما نوفسكي الدور الأكبر في إضافة روح جديدة على الروح المحلية للموسيقا البولونية بشكل جعلها تصبح جزءا مهما من روافد الفن والثقافة الأوروبية.‿
أظهرت المرحلة الأولى من أعمال شيما نوفسكي 1900_ 1914 تأثره بفريدرك شوبان الموسيقي الأعظم في تاريخ بولونيا بعد ذلك انطلق كارول كي يخط لنفسه اسلوبه الخاص به فكانت المرحلة الثانية من حياته الموسيقية 1915_ 1919 إذ استطاع في هذه المرحلة ان يصل بموسيقاه الى مزيج رائع من تيارين موسيقيين مختلفين.. فمن جهة كانت الرومانسية الألمانية الجديدة بطابعها الاوكسترالي الى الفخم ذات التركيب الهارموني المعقد ومن جهة أخرى كانت الانطباعية الفرنسية باتجاهاتها الجديدة نحو العمل عى الفورما والصوت ولعل سيمفونيته الثالثة بعنوان «أغنيات الليل» خير تعبير عن هذا المزج بين هاتين المدرستين..‿
أما في المرحلة الثالثة فقد انكب شيما نوفسكي على الموسيقا الفلكلورية البولونية بايقاعاتها التي تضج بالحياة وبرقصاتها المتميزة ذات الميلوديا الخاصة جداً.‿
وقد كانت بالية هارناسي من أهم اعماله في تلك المرحلة حيث استوحى شيما نوفسكي هذه البالية من حياة قطاع الطرق ذات السيرة الأسطورية في الجبال البولونية وعرضت هذه البالية لأول مرة في باريس عام 1936.‿
وفي عام 1927 عين كارول شيما نوفسكي مديرا لكونسرفاتوار وارسو حيث عدَّ هذا التعين بمثابة الانطلاقة في عالم التعليم الاكاديمي للموسيقا حاول عبرها كارول تغيير المفاهيم التقليدية في التعليم الموسيقي لكنه تعرض لانتقادات شديدة من المحافظين الكلاسيكيين الذين اتهموه بمحاولة تزكية الذوق البربري في الموسيقا وعلى الرغم من محاولاته في التطوير الهادئ للتعليم الاكاديمي الموسيقي بشكل يحرره من القوالب الجامدة ويعطيه افقا أوسع إلا انه اضطر في عام 1932 لتقديم استقالته من عمادة الاكاديمية الموسيقية في وارسو.‿
بالاضافة الى كونه موسيقيا كان شيما نوفسكي كاتبا وشاعرا فقد كتب زهاء 100 مقال صحفي وقصتين وعددا من النصوص الأدبية الى جانب كتاباته الشعرية وقد ركز شيمانوفسكي في مقالاته الصحفية على دور الثقافة ومن ضمنها الموسيقا في الحياة الجديدة لبولونيا المستقلة وذلك بعد 123 سنة من غياب الدولة البولونية كما تناول المفاهيم الجديدة لتعليم الموسيقا طارحا وجهة نظره الابداعية حول هذا الموضوع، وخصص قسماً من كتاباته للحديث عن الموسيقا الفلكلورية البولونية، وكتب ايضا عن حياة عظماء الموسيقا الفلكلورية البولونية، وكتب ايضا عن حياة عظماء الموسيقا أمثال بيتهوفن، وفاغنر ورافيل، وسترافينسكي، اما في قصة «ايفبوس» فقد طرح وجهات نظره الفلسفية وايمانه المطلق بدور الفن.‿
قدمت اعمال شيمانوفسكي في الكثير من دول العالم المهتمة بالموسيقا في ذلك الزمان مثل: روما والبندقية وسالزبورغ وفيينا وبراغ وباريس وغيرها من الدول. وقد وصلت اعماله الى ما وراء البحار ونالت اقبالا كبيرا في نيويورك وبوسطن وشيكاغو.‿
كان لجولات شيمانوفسكي في مختلف بلدان العالم الاثر الكبير في حياته حيث كان متعطشا دوما للانطباعات الجميلة ولاسيما تلك التي تأتي من الفن ومن روعة جمال الطبيعة، مما كان له الدور الملهم في موسيقاه، وقد قال بعد عودته من احد اسفاره: «إني اشعر بضوء مشرق في موسيقاي ولم احس بذلك منذ وقت طويل». إلا ان هذه الاسفار الكثيرة كان لها الدور الاكبر في الاساءة الى صحته العليلة اصلا، إذ انتهت به هذه الرحلات الى الدخول الى المصح بعد ان وصلت حالته الصحية الى درجة كبيرة من السوء.‿
لقد توفي شيمانوفسكي في لوزان في 29 اذار 1937 وقد نقل رفاته الى بولونيا، حيث دفن في مقبرة العظماء في كراكوف، بينما ظل قلبه محفوظا في مستشفى «اوبازدوفسكي» في وارسو ولكنه احترق اثناء انتفاضة وارسو ضد الالمان النازيين سنة 1944.‿