كان الفن التشكيلي في أوروبا قبل سنة 1300 م تقريبا يعيش حالة بؤس وضحالة ونمطية لدرجة ان النقاد سمو تلك الفترة بعصور الظلام، شأنه في هذا شأن كل الفنون بما فيها الموسيقا و النحت … بل وحتى العلوم و الاداب وأتى راعي غنم صغير اسمه “جيوتو”.
جيوتو هذا الذي كان وهو يسير مع غنمه بعصا خشبية صغيرة يرسم بها على كل شيء على التراب أو الرمال و ينحت بواسطتها على الصخور أشكالا فنية فطرية ، صار رساما مشهورا و مهندسا عبقريا أطلق فيما بعد ما يسمى “عصر النهضة”.نعم !!!! … ساعد “جيوتو دي بون دونه” هذا في ابتكار “المنظور ثلاثي الأبعاد” من خلال معالجته العبقرية للظلال و رؤيته المعمارية الفريدة التي لم تكن موجودة قبله. باختصار رأى هذا الرجل العمق (البعد الثالث) والشمول بآن معا من خلال نظرته الخاصة والمتفردة للضوء وظله … ورسم للعالم ما رأى …ولأن الواقع كان واقعاَ فقد غيره بفنه … لأنه تطلع من منظوره للأفضل ونجح عن طريق التجريب والدأب.نحن للأسف نعيش حالة فنية واتكلم عن ما أتقنه وهو الموسيقا سيطرت عليها النمطية و التكرار وأصبحنا نستند على قوالب صنعناها نحن ومن ثم نصبناها أصناما … و بدانا نعبدها … ونتهم كل من يحاول أن يخرج عنها بأنه كافر برسالة الفن أو على الاقل نتهمه بالابتداع … لازال يأتيك حتى اللحظة أحدهم من يدافع على توزيع مقام موسيقي معين ركبّه وسماه السلطان سليم الثالث من تمازج علامات موسيقية معينة أو حتى تمازج جنسين … فيتهمك بالكفر أو بالجهل أو بالحط من المقدس … لأنك غيرت فيه طريقة عزفه …. أيها السادة نحن بحاجة الى رؤية جديدة … نحن بحاجة لمنظور جديد يساعدنا على الخروج من عصور الظلام التي نعيشها.