لقد اختلفت النظرة إلى الموسيقى بعض الشئ فى عهد الخلفاء الراشدين ، ويقال أنها اتسمت ببعض التعنت ضد الموسيقى وضد من يعمل بها ، وسوف نستعرض فى عجالة أهم السمات التى اتسمت بها هذه المرحلة فى عهد كل خليفة من الخلفاء الراشدين ، وأنواع الغناء والآلات الموسيقية التى كانت مباحة فى ذلك الوقت.
ونبدأ الحديث بتولي سيدنا أبو بكر الصديق الخلافة فى العام الحادى عشر من الهجرة ، وقد اتسم مبدأ الصديق بالحفاظ على العادات الإسلامية العربية التى سادت فى عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ، وخاصة السماع الذى كان متأصل فى نفوس العرب منذ الجاهلية .وقد ذهب بعض القائلين بأن الموسيقى حرمت أيام أبى بكر الصديق ، وقد استند هؤلاء إلى قطع أيدى قينتين وهما ( ثبجة الحضرمية ، هند بنت يامين ) ونزع أسنانهما حتى لا يستطيعا الغناء فى عهد أبو بكر ، ولكن هذا العقاب كان لا لمجرد كونهما موسيقيتين بل لغنائهما بهجاء المسلمين برفقة المزمار .
وعندما جاء عهد عمر بن الخطاب فى العام الثالث عشر للهجرة ، ظهر التشدد فى أمر السماع بصورة واضحة ، وإن كان يحكى أنه سمع إحدى القيان فى بيت النبى ، كما انه ارتعد عندما فكر فى وجوب ترتيل القرآن بأنغام غير الأنغام اللحنية ، ويقال أن ابنه عاصم كان شغوفا بالموسيقى .
وفى عام 644 م تولى عثمان بن عفان الخلافة ، والذى أنهى الحروب التى شنها عمر بن الخطاب على أعداء المسلمين من الفرس ، وجاء المسلمون بالأسرى ومعهم العديد من فنون ومدنيات بلاد فارس واليونان ، مما آثر على الآداب والفنون العربية وجعلها داخل بيوت الأمراء والأشراف .
وكان على بن أبى طالب أخر الخلفاء الراشدين والذى أبدى رعايته المطلقة للآداب والفنون ، وسمح بتدريس الغناء مع العلوم والآداب ، كما ظهر فى عهده نوع من الغناء يعرف باسم الغناء المتقن ، وفى بادئ الأمر كان محترفي الموسيقى من الطبقة الخادمة والرقيق أو العتقاء الذين أطلق عليهم الموالى .
وعلى ذلك نجد أن الموسيقى بدأت تأخذ حقها فى عهد عثمان بن عفان وبدأت تنتعش فى عهد على بن أبى طالب بعد ان كانت مهملة فى عهد كل من أبو بكر وعمر اللذين انشغلا فى البداية بحروب الردة ، وكون ارتباط الموسيقى بالحانات والخمر والقيان والمخنثين .
وبصفة عامة فالموسيقى عند الإنسان العربى لا يمكن فصلها عن الغناء ، فهو ذو ذوق وتأثير خاص ، ويجب إرضاؤه من ناحية اللحن والوزن أو الإيقاع الذى يختلف عن بلاد فارس وبيزنطة التى قام بفتحها واطلع على آدابها وفنونها .
أنواع الغناء فى هذا العصر :-
1 . الركبانى : – وهو نوع من غناء النصب ويقال انه مباح .
2. الغناء المخنث :- وقد ارتبط هذا النوع من الغناء بالرجال الذين يتشبهون بالنساء فيخضبون أيديهم بالحناء ويتمسكون بعادات النساء .
3. الغناء المتقن :- وهو من أهم صفاته تطبيق إيقاع مستقل عن عروض الشعر على لحن الأغنية .
4. الغناء الموقع :- وهو الغناء الذى اشتهرت بغنائه عزة الميلاء .
أهم أنواع الإيقاع التى عرفت فى هذا العصر :-
الهزج – الثقيل – السناد – السناد الثقيل – الهزج الخفيف .
أهم الآلات الموسيقية فى هذا العصر :-
1. الآلات الوترية :-
المعزفة أو المعزف – المزهر – العود ذو الصدر الخشبى – الطنبور – الجنك .
2 . آلات النفخ :-
القصابة أو القصبة – المزمار – البوق .
3 . آلات الطرق :-
القضيب – الدف المربع – الصنوج الصغيرة – الطبل .
السلم الموسيقى فى عصر الخلفاء الراشدين :-
يقال أن السلم الموسيقى فى هذا العصر قد تضاءل حجمه عما كان عليه فى العصر الجاهلي ، حيث أنه كان مقسما إلى أربعين جزءا صوتيا ، ومع بداية العصر الإسلامى أصبح السلم الموسيقى صغيرا ناقصا ، ويرجع السبب فى ذلك إلى ان الموسيقى لم تلق التشجيع الكافى والرعاية اللازمة فى مطلع العصر الإسلامى .
وقد جاء فى كتاب ” معلم عود مغربي قديم ” نشره المستشرق هنري جورج فارمر ، أن السلم الموسيقى فى هذا العصر مكون من ديوان واحد مبنى على أساس تسوية أوتار العود الأربعة والتى كانت تسمى ( ذيل – ماية – رمل – حسين ) وكانت تستخرج النغمات من هذه الأوتار بحيث يخرج من كل وتر ثلاث نغمات هى من مطلق الوتر ثم الإصبعين السبابة والخنصر .
ومما يذكر ان العود القديم كان يسوى بحيث يكون الوتر الحاد من أعلى والوتر الغليظ من أسفل على عكس ما هو معروف حاليا .
أهم الموسيقيين فى عصر الخلفاء الراشدين :-
طويس – سائب خاثر – عزة الميلاء – حنين الحيرى – نشيط .
بقلم : د. منال مصطفى